منذ أيام وأثناء استقلالى للمينى باص المتجة من ميدان الأوبرا إلى الزمالك كان لقائى بياسين بطل هذه الرحلة القصيرة،وكعادتى من خلف نظارتى الشمسية الكبيرة أحاول رصد الوجوه. صوت ضاحك فى وسط الزحام وحبات العرق المتطايرة صوت ممتلئ بالبهجة يرشدك إلى جسم ضغير وابتسامة عريضة تكشف عن سنتين وحيدتين
بدى الأمر فى أوله مبهجًا والضحكات متبادلة بيننا - ركاب المينى باص- حتى أخذ صوت ياسين يصبح حادًا أشد لسعة من الحرارة حتى تحولت الضحكات إلى نظرات غاضبة وتأوهات ساخطة وغمزات ولمزات عن الوالدين وإساءتهما التربية .... ولكن ما شد انتباهى ذلك الرجل الأربعينى القابع فى الركن على نفس الكنبة الخلفية التى ضمت ياسين وعائلته وكان يفصله عنه رجل ذو ملامح جامده أو غبية لا أدرى (ذكرنى بشخصية كرتونية صامتة)، ووالد ياسين، المهم هذا الرجل كانت سعادته تتزايد كلما تعالى صوت صراخ ولعب ياسين وعندما يجبره والده على السكوت يداعبه من بعيد وفى خلسة من والده ليعاود الصراخ واللعب . وحين نظرت إلى عينيه أثارت فضولى هذه النظرة التى لم أعرف مبررها إلا عندما نظرت إلى كلتا يديه ووجدتها خالية من أى وصمة أبوة